ما هو مرض جدري القردة؟

البحوث والدراسات ,

جدري القردة مرضٌ يسببه فيروس جدري القردة. وهو عدوى فيروسية حيوانية المصدر، مما يعني أنها يمكن أن تنتقل من الحيوانات إلى البشر. ويمكن أن تنتقل أيضاً من شخص إلى آخر ومن البيئة إلى البشر.


ينتقل جدري القردة من شخص لآخر من خلال الاتصال الوثيق مع شخص مصاب بطفح جلدي بسبب جدري القردة. ويمكن أن يعني الاتصال الوثيق المخالطة المباشرة (مثل التحدث أو التنفس أو الغناء عن قرب من الآخرين، والذي يمكن أن يُولِّد قطيرات أو رذاذ قصير المدى)؛ أو التلامس الجلدي (مثل اللمس أو الجنس المهبلي / الشرجي)؛ أو ملامسة الفم للفم (مثل التقبيل)؛ أو ملامسة الفم للجلد (مثل الجنس الفموي أو تقبيل الجلد). والآليات المحتملة لانتقال جدري القردة عبر الهواء ليست مفهومة جيدًا حتى الآن، والدراسات جارية لمعرفة المزيد.

وما زلنا نتعلم المزيد عن المدة التي يظل فيها الأشخاص المصابون بجدري القردة ناقلين للعدوى، ولكن بشكل عام يعدون مُعْديين حتى تتقشر كل قروحهم وتتساقط القشور وتتكون طبقة جديدة من الجلد تحتها، وأيضًا حتى شفاء جميع القروح الموجودة في العينين والجسم (في الفم والحلق والعينين والمهبل والشرج).

ويمكن أن تتلوث البيئات بفيروس جدري القردة: على سبيل المثال، عندما يلمس شخص ناقل للعدوى الملابس والفراش والمناشف والأشياء والأجهزة الإلكترونية والأسطح. وقد يصاب شخص آخر يلمس هذه الأشياء بالعدوى إذا كان لديه أي جروح أو خدوش أو لامس عينيه أو أنفه أو فمه أو أغشية مخاطية أخرى عن طريق الخطأ. ويُعرف هذا باسم الانتقال عن طريق أدوات العدوى. ويمكن أن يساعد تنظيف يديك بعد لمس الأشياء التي قد تكون ملوثة في الوقاية من هذا النوع من انتقال العدوى. ومن الممكن أيضًا أن تصاب بالعدوى من استنشاق قشور الجلد أو الفيروسات من الملابس أو الفراش أو المناشف. وفي الفاشية الحالية، لا يزال الخبراء يحاولون فهم ما إذا كان أسلوب الانتقال هذا يؤدي دورًا رئيسيًا.

ويمكن أن ينتقل الفيروس أيضًا أثناء الحمل إلى الجنين، أثناء أو بعد الولادة من خلال ملامسة الجلد للجلد، أو من أحد الوالدين المصاب بجدري القردة إلى الرضيع أو الطفل أثناء الاتصال الوثيق.

وعلى الرغم من الإبلاغ عن حدوث عدوى عديمة الأعراض، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كان الأشخاص الذين ليس لديهم أي أعراض يمكن أن ينقلوا المرض، أو ما إذا كان المرض يمكن أن ينتشر من خلال سوائل الجسم الأخرى. وتم عزل فيروس جدري القردة الحي من السائل المنوي، ولكن لم يُعرف بعد ما إذا كانت العدوى يمكن أن تنتشر عن طريق السائل المنوي أو السوائل المهبلية أو السائل الأمنيوسي أو حليب الأم أو الدم. والبحث جارٍ لمعرفة المزيد حول ما إذا كان يمكن للأشخاص نقل جدري القردة من خلال تبادل هذه السوائل في أثناء العدوى المصحوبة بأعراض وبعدها.

في معظم الحالات، تختفي أعراض جدري القردة من تلقاء نفسها في غضون أسابيع قليلة. ومع ذلك، في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي العدوى إلى مضاعفات طبية وحتى الوفاة. وبناءً على ما نعرفه من فاشيات سابقة لجدري القردة، قد يكون حديثو الولادة والأطفال والأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة الكامن أكثر عرضة لخطر الإصابة بأعراض أكثر خطورة والوفاة بسبب جدري القردة.

وتشمل المضاعفات الناجمة عن جدري القردة الالتهابات الجلدية الثانوية والالتهاب الرئوي والتشوش ومشكلات في العينين. وتشمل المضاعفات الحديثة التهاب المستقيم (تقرحات وتورم داخل المستقيم، مما يسبب الألم) والألم أو صعوبة التبول. وفي الماضي، تُوفي ما بين 1% إلى 10% من الأشخاص المصابين بجدري القردة. ومن المهم ملاحظة أن معدلات الوفيات في البيئات المختلفة قد تتراوح بسبب عدد من العوامل، مثل إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية. وقد تكون هذه الأرقام تقديرًا مبالغًا فيه، لأن ترصُّد جدري القردة كان محدودًا بشكل عام في الماضي.

وفي البلدان المتضررة حديثًا التي تحدث فيها الفاشية الحالية، تم الإبلاغ عن بعض الوفيات. وهذا يؤكد حقيقة أن جدري القردة مرض خطير ويجب على الناس الاستمرار في بذل كل ما في وسعهم لحماية أنفسهم والآخرين.

كيف ينتقل جدري القردة من الحيوانات إلى البشر؟

يمكن أن ينتقل جدري القردة إلى الناس عندما يلامسون حيوانًا مصابًا، مثل ‏الرئيسيات غير البشرية أو القوارض البرية أو الظباء أو الغزلان أو سناجب الأشجار؛ على سبيل المثال، من خلال العضات أو الخدوش، أو أثناء الأنشطة من ‏قبيل الصيد والسلخ والتفخيخ والطهي واللعب بالجثث. ومن الممكن أيضًا الإصابة بالفيروس من خلال تناول لحوم الحيوانات المصابة إذا لم يتم طهيها جيدًا. ويمكن الحد من خطر ‏الإصابة بجدري القردة من الحيوانات عن طريق تجنب ملامسة الحيوانات البرية دون حماية، لا سيَّما تلك المريضة أو النافقة (بما في ذلك لحومها ودمائها). ‏وفي البلدان التي يوجد فيها حيوانات تحمل جدري القردة، لا بُدَّ من طهي جميع ‏الأغذية التي تحتوي على لحوم أو أجزاء حيوانية طهيًا جيدًا قبل تناولها.

هل يمكن أن ينتقل جدري القردة من البشر إلى الحيوانات؟

يجري حاليًا استقصاء الإبلاغات الأخيرة عن انتقال جدري القردة من البشر إلى الحيوانات الأليفة (الكلاب). ونحن نرصد هذه التطورات عن كثب وننظر في كيفية تكييف استجابتنا للفاشية وإرشاداتنا إذا لزم الأمر، وذلك بالتعاون مع شركائنا في نهج الصحة الواحدة: منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) والمنظمة العالمية لصحة الحيوان.

ونظرًا لأنه من المعروف أن العديد من أنواع الحيوانات معرضة للإصابة بفيروس جدري القردة، فهناك احتمال أن ينتقل الفيروس من البشر إلى أنواع الحيوانات المعرضة للإصابة في بيئات مختلفة، مما قد يؤدي إلى تكوين مستودعات حيوانية جديدة.

ويجب على الأشخاص المؤكدة إصابتهم بجدري القردة أو المشتبه فيها أن يتجنبوا التلامس الجسدي الوثيق مع الحيوانات، بما في ذلك الحيوانات الأليفة (مثل القطط والكلاب والهامستر والجربوع وما إلى ذلك) والماشية والحيوانات البرية.

مَنْ هم الأشخاص المعرضون لخطر الإصابة بجدري القردة؟

الأشخاص الذين يعيشون مع شخص مصاب بجدري القردة أو لديهم اتصال وثيق معه (بما في ذلك الاتصال الجنسي) هم الأكثر عرضة للخطر. ويجب على أي شخص يعيش مع شخص مصاب بجدري القردة أن يتخذ خطوات لتقليل خطر الإصابة بالعدوى. ويجب تقييم الشخص المصاب بعدوى جدري القردة بواسطة أحد مقدمي خدمات الرعاية الصحية لتحديد ما إذا كان في حالة جيدة بما يكفي لرعايته في المنزل وما إذا كان يمكن إدارة العزل بأمان في المنزل. ويجب على العاملين الصحيين اتباع تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها لحماية أنفسهم أثناء رعاية مرضى جدري القردة. وقد يكون الرضع حديثو الولادة والأطفال الصغار والأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة الكامن أكثر عرضة لخطر الإصابة بأعراض أشد خطورة، وفي حالات نادرة الوفاة بسبب جدري القردة. ويمكن أن يزيد الحمل أيضًا من مخاطر التعرض لأحداث ضائرة، مثل الإجهاض أو ولادة جنين ميت.

وقد يتمتع الأشخاص الذين تم تطعيمهم ضد الجدري ببعض الحماية ضد جدري القردة. ومع ذلك، من غير المرجح أنه تم تطعيم الشباب ضد الجدري، لأن التطعيم ضد الجدري توقف في معظم الأماكن حول العالم بعد استئصال المرض في عام 1980. ويجب على الأشخاص الذين تم تطعيمهم ضد الجدري الاستمرار في اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية أنفسهم والآخرين.

هل يوجد لقاح ضد جدري القردة؟

نعم. تمت الموافقة مؤخراً على لقاح للوقاية من جدري القردة. وتوصي بعض البلدان بتطعيم الأشخاص المعرضين للخطر. وقد أفضت سنوات عديدة من البحث إلى تطوير لقاحات أحدث وأكثر أماناً لمرض تم القضاء عليه يسمى الجدري، والتي قد تكون مفيدة أيضاً في الوقاية من جدري القردة. وقد تمت الموافقة على أحد هذه اللقاحات للوقاية من جدري القردة. وينبغي النظر في تطعيم الأشخاص المعرضين للخطر فحسب (على سبيل المثال، شخص كان على اتصال وثيق بشخص مصاب بجدري القردة). ولا يُنصح بالتطعيم الجماعي حالياً.

 

ورغم أنه قد تبين أن لقاح الجدري يوفر حماية من جدري القردة في الماضي، لا يوجد سوى قدر محدود من البيانات الحالية بشأن فعالية لقاحات الجدري/جدري القردة الأحدث في الوقاية من جدري القردة في إطار الممارسة السريرية والسياقات الميدانية. وستسمح دراسة استخدام لقاحات جدري القردة أينما استُخدمت بالتوليد السريع لمعلومات إضافية عن فعالية هذه اللقاحات في مختلف السياقات.

في أي مكان في العالم يشيع حاليًا خطر الإصابة بجدري القردة؟

هناك حاليًا فاشية جارية متعددة البلدان لجدري القردة في أماكن لم يكن من المعتاد فيها من قبل العثور على الفيروس، وذلك في أوروبا والأمريكيتين وأفريقيا وغرب المحيط الهادئ وبلدان شرق المتوسط وجنوب شرق آسيا. وقد تم الإبلاغ عن حالات أكثر من المعتاد في عام 2022 في أجزاء من أفريقيا أبلغت سابقًا عن وجود حالات، مثل نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى. وتعمل المنظمة مع جميع البلدان المتضررة على تعزيز الترصّد وتوفير الإرشادات بشأن كيفية وقف انتشار المرض وكيفية رعاية المرضى.

 

وقد أُبلغ عن جدري القردة في بعض البلدان الأفريقية في السنوات التي سبقت اندلاع هذه الفاشية. وتشمل هذه البلدان الكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو وكوت ديفوار وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغابون وليبريا ونيجيريا وسيراليون. ولم يكن لدى بعض هذه البلدان سوى عدد قليل من الحالات، وشهدت بلدان أخرى فاشيات مستمرة أو متكررة. وارتبطت الحالات العرضية في البلدان الأخرى بالسفر من نيجيريا. وتأثير الفاشية الحالية على العديد من البلدان في آنٍ واحد لم يكن سمة نموذجية للفاشيات السابقة.

 

المصدر: منظمة الصحة العالمية

الصورة: سي إن إن